ثالثاً: الأسماء والصفات
معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته هي أشرف أنواع العلوم والمعارف، ولا تطمئن القلوب وتأنس إلا بمعرفة معبودها سبحانه، وكذلك لا تصلح ولا تستقيم على الحق إلا إذا آمنت بأسمائه وصفاته، وحققت ما يقتضيه ذلك الإيمان من يقين وإخلاص، وخوف ورجاء منه وحده سبحانه.
والسلف الصالح عليهم رضوان الله تعالى آمنوا بكل ما ورد في الكتاب والسنة من أسماء الله وصفاته، وحققوا مقتضياتها، ولوازم الإيمان بها، فكانوا أكثر الناس علماً بالله ومعرفة، كما كانوا أكثر الناس خشية له، وانقياداً لأمره، واتباعاً لشرعه.
وهم مع إثباتهم لكل أسمائه تعالى وصفاته، يؤمنون إيماناً جازماً بأنه تعالى لا مثل له ولا شبيه، ولا ند ولا شريك: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ))[الشورى:11].
فهم يثبتون الصفات، وينفون التشبيه، ويعتقدون أنه -كما أنه تعالى- لا يماثله شيء من خلقه في ذاته، ولا يماثله شيء في صفاته.
وكما أن وجوده تعالى لا يشبه وجود المخلوقات، فكذلك سائر الصفات.
وفارق الجماعة في ذلك فريقان:
أ- فريق يثبت لله تعالى صفات كصفات المخلوقين، فيقولون: علمه كعلمنا، ويده كيدنا، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، وهم يسمون المشبهة وعلى هذا المذهب قدماء الشيعة والروافض.
ب- فريق ينفي صفات الله تعالى، زاعماً أن إثباتها يلزم منه التشبيه، فيقولون: ليس له وجه ولا يد. ولا قدرة ولا علم، وهؤلاء يسمون (أصحاب التعطيل) أو ( المعطلة ) وهم درجات:
1- من ينكر الأسماء والصفات جميعاً وهم الجهمية.
2- من ينكر الصفات ويثبت الأسماء، فيقولون مثلاً: عليم بلا علم، وقدير بلا قدرة، وهم المعتزلة.
3- من ينكر بعض الصفات ويثبت بعضها، ويثبت الأسماء، وهم الأشعرية، وهم ينكرون العلو والاستواء واليد والغضب والرضا ونحوها.